اليوم طلبت مني جارتنا الدكتورة زورها بالبيت.. بدها تسألني شوية أسئلة بخصوص أيمن و الموضوع ما بينشرح على التلفون
دخلت و انتظرتها بالصالون..
لمحت ضيف جديد ببيتهم..
قفص عصافير..
مجرد قفص عصافير..
ما بعرف كيف لحظتها فقدت السيطرة على دموعي :(
تذكرت بيتي :(
عصافيرنا.. تفاصيلنا.. غرفنا.. و أيمن :(
حسيت اني لا زلت ساكنة هنيك..
كأني ما طلعت من بيتي دفعة وحدة..
بقيت عم اتقطع قطعة ورا قطعة.. و لسه مني قطع عالقة بين حيطانه..
حاولت امسك دمعتي..
بس عبث.. كأني عم امسك بإيدي مي و تتسرب من أصابعي..
تسربت من عيوني و ما قدرت خبيها..
بعد شوي فاتت الدكتورة غادة..
قالتلي.. ريحان.. عم تبكي.. لااا اليوم بدك تفرحي و تزغردي كمان
تلهفت و انشد انتباهي و مسحت خدي و قلتلها شووو بشريني!!
قالتلي يمكن ينحل الموضوع بكفالة بس بدي اتأكد منك من شوية أمور.. لو حليناها.. بكرا الصبح أيمن بيكون بينكن..
خليتها تعيد الجملة مرتين لحتى استوعبتها. ما وسعني مكاني
وقفت.. ضميت كفوفي و رجعت اسألها بلهفة..
بكرا ؟
بكرا بكرا؟؟
تبسم الوجه البشوش و قالتلي ايييي بكرا
انعقد لساني من الفرح
ضميتها و بكيت
ما عدت عرفت بأي صيغة اشكرها
بأي صيغة اشكر ربي انو حط هالإنسانة بطريقي..!!
و اجا اليوم السعيد
يوم الإفراج عن أيمن بواسطة سعت فيها الدكتورة غادة و بمبلغ كفالة تسدد من أهله و شوي من ذهبي..
رح يبقى محتفظ بشهادته
لكنه ممنوع من مزاولة مهنة الصيدلة بالبلد لأسباب أمنية
ما همتني الشروط..
المهم طلع بالسلامة..
و استقبلناه بعيون عم تضحك و تبكي
حماتي ضمته و تنهدت متل ما منتنهد بعد شربة مي باردة على عطش شديد..
ضميته و بست ايديه و حسيت اني ملكت الدنيا
شكله منهك.. و تعبان.. و كأن قصص الاعتقال مرسومة على ملامحه و يااااه اديه خسران وزن
بس ما قدر ينام من الفرح.. يضم الولاد و يلاعبهم
يبوس ايد والده العجوز اللي عم يبكي و يقله الله يرضى عليك يا ابني..
الدمعة بعين الكبير بتحمل معاني مركزة و ألم مضاعف..!
قضينا كل اليوم بغرفة الجلوس.. هو يحكي و نحنا نسمع
شي من قصص الناس اللي قابلهم..
أنا اسمع قصة و اشرد بذهني عن قصة..
عم شوفه و ملي عيوني من وجوده معي.. أحياناً تصير كلماته مجرد صوت عم يسرد كلام.. و انا عم اسمع كلام عيوني و بس
و احمد ربي جزيل الحمد انو رجعلي بالسلامة
من تاني يوم
الولاد فجأة صارو مطيعين و هادئين و قبل ما يكمل أبوهم طلبه بيتلبى..
طبعا هالشي ما استمر لفترة طويلة
يعني ما لحقت افرح بهالصفات الحسنة..
بس عرفت.. انو العاطفة بتشكل دافع كبير و بتأثر كتير بسلوك الطفل.. المشاكل و التوتر يلي بيصادفه ما بيعرف الطفل يعبر عنه بالكلام.. بيعبر عنه بتصرفات المشاغبة و اللي زادت عند ولادي كتير بالفترة الأخيرة..
و حتى أنا.. ما كان سهل عليي قوم بمهامي و أنا عايشة هالضغط
لكن حاولت كل جهدي ما استسلم..
صحيح أوقات وصلت لنقطة اليأس من كتر ما سمعت عن وفيات من المعتقلين... و ملكني الخوف و القلق.. بس كمان حاولت قاوم و لجأت لله بكل ذرة إيمان بملكها و الحمد لله رزقني اليسر بعد العسر
و رزقني فرحة الله لا يحرم منها محروم
يتبع..
نور الاشقر