مذكرات عائلة 2 . 22 . قبل الأخيرة
تفقدت رفيقتي سلمى.. زمااان ما حكينا.. مننشغل و بيمر يوم ورا يوم و يصيرو أيام و شهور
بعتتلها رسالة.. و فاجأني الرد انها تركت دبي و صارت بتركيا !
ليه؟!!
" ريحان.. اشتقتلك كتير..
اعذريني.. الفترة الماضية كانت صعبة عليي .. تسارعت فيها أحداث ما كانت عالبال..
خلصت إقامة زوجي و تسرح من شغله و صار وجودنا بدبي شبه مستحيل.. الحصول على إقامة للسوري بالخليج كتير صعب
مع اني بحب الإمارات و تعودت عليها.. بس خيار المضطر اللي مالو حيلة..
اسطنبول كانت أقرب وجهة.. بعد ما تم رفضنا من كتير دول.. و قلت عسى لخير
توقعت تكون حدة الغربة أخف علينا هون بتركيا .. لأنها بطبيعتها قريبة من بلدنا.. كدين و مجتمع
البلد غالية علينا شوي خصوصا إنا ببداية حياة جديدة..
الأمان أقل.. في سرقات كتير.. للبيوت أو بالأماكن العامة.. و هاد أبشع عيب لاسطنبول... و بتصير تفجيرات أحياناً .. هالأمور بتنغص العيش و ما بتحسسك بالراحة..
منحاول ناخد حذرنا على قد ما نقدر.. و بقول لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..
عم عاني كتير بتعلم اللغة.. انتي بتتذكريني أيام المدرسة.. حتى الانجليزي ما كنت اتحملو.. طلع سهل كتير مقارنة بالتركي.. بس لحد هلأ ماشي حالي.. تعلمت كم كلمة تقضي حاجتي لاعرف اقرأ اللافتات و اتعامل مع أهل السوق..
تعرفت الحمد لله على كل كم صديقة سورية.. الرفقة الطيبة بالغربة سند.. و الجنة بلا ناس ما بتنداس..
أنا ساكنة بمنطقة اسمها الفاتح بتشبه بلدنا كتير.. فيها زوايا كلما مريت فيها بتدمع عيني شوق و حسرة.. بتمشى بشارعها بيذكرني بشارع الحمرا.. بحن و بشتاق.. و بمني نفسي برجعة قريبة..
بس رجعة لوين ؟ أهلي تركو البلد و انتقلو للأردن ..
الله يجمع شملنا كلنا عن قريب..
ولادي.. آه بس.. بتتذكري اديه كنت أنا و انتي نلاعبهم من زمان ؟ و نخترع أنشطة و مسابقات ؟ و نصنعلهن ألعاب من كرتون؟
هلأ كل شي تاعبني.. و فاقدة حماسي لأي شي.. مقصرة معهم كتير.. فعلا الأمومة بهالظروف جهاد.. بدك تطوي متاعبك بورقة و تلوني عليها مع ولادك.. و تحاولي تخففي حمل قلبك بابتسامة
يمكن تستغربي و تسأليني.. ليه عم اشكي الغربة ؟ و انا اللي صرلي بدبي سنين..
للغربة ألوان يا ريحان..
فرق كبير بين جو دبي و جو اسطنبول
و فرق لما يكون فيي زور الشام بأي وقت بحب
و بين لما تكون زيارتي مو بإيدي أو ممنوعة منها..
غربتي هون غربة جديدة و بلون تاني..
.. مشتاقة لبيت أهلي... لبيتي.. لشجرة التوت بشارعنا.. لقمر. و لخالة أم أنس.. لفنجان القهوة الصبح معك
لمشوار عالحميدية.. عالصالحية.. على قاسيون.. على مضايا و الزبداني..
مشتاقة لكل شي.. الله يخفف عنا و عن بلدنا.. "
سكرت الرسالة.. و احترت شو اكتبلها..
" مو بس انتي المغتربة يا سلمى..
مشوار الحميدية ما عاد يشبه المشوار القديم.. وجوه الناس تغيرت.. ملامحها مهمومة و باهتة.. و شو بدك تعملي بالصالحية؟ لو تشوفي الأسعار و النار اللي عم ترفعها من يوم ليوم.. مشوار السوق ما عاد للتسلية.. صار للضرورات و بس..
الناس المشردة كلمالها عم تزيد..
كنا من زمان نفزع لو شفنا رجال نايم عالرصيف.. و كان هالشي نادر.. كانو المحسنين يأمنوله صنعة أو مأوى..
هلأ بتشوفي عائلات.. أم و ولادها.. أطفال.. بتمري جنبهم بخطوة تقيلة و عم تجرّي عجزك وراكي..
قاسيون.. لو قدرتي تروحي.. رح تشوفي دخان متصاعد من جوانب المدينة بدون ما تفزعي و تسألي ليه..
الدخان بالهوا متل أنفاس قلب عم يحترق..
و طبعا بتعرفي انو ما عاد في لا مضايا و لا زبداني.. فيكي تروحي على مطعم بالربوة و تدفعي فاتورة تطعمي عيلة فقيرة لشهر..
صرنا غربا جوا بلدنا.. و هي صارت غريبة علينا.. مو نفس المدينة اللي منعرفها و ربينا فيها..
أما ولادنا فهنن السبب اللي بدنا نقاوم أي شي كرماله..
و أنا متلك أحياناً بنشغل عنهم و بنسى انهم محتاجين اذن تسمع و تهتم.. و قلب يضم و يحتوي..
و خصوصا حلا الصغيرة.. الصغير ما بيعرف يشكي و يطلب.. بنسى انها محتاجة حاكيها و لاعبها و اسمعها..
بنشغل عنهم بس برجع بضمهم و بلاعبهم و بحكيلهم قصص و بتذكر انهم مسؤوليتي و انهم أمانة من الله معي..
و بحس انو حاجتي الهم ما بتقل عن حاجتهم الي..
الله يهون عليكي غربتك
و يعينني أنا كمان لأني مسافرة لكندا قريباً
و يعين اللي تغربو بدون ما يتغربو..
يتبع..
مذكرات_عائلة2
نور_الأشقر