8/01/2016

مذكرات عائلة 2 "16" قضبان



أنا هلأ بأحلك لحظات حياتي .. بعد ما تم اعتقال أيمن بتهمة ما دخله فيها.. نسيت كل البلا اللي شفتو قبلها.. من قسوة الحرب و ظلمها و خسارة بيتي و خسارة شغل زوجي.. 
صار كل همي يطلع زوجي من هالمكان القبيح بالسلامة.. 

انفتح باب الغرفة الرمادية الكئيبة بالفرع و جابولنا أيمن 
شفتو....  و انفتح بقلبي باب القهر  

بهديك اللحظة ما عدت مرتو و بس..! 
حسيت اني أمو.. الأم الملتاعة على ابنها و بدها تحضنه و تحميه..  
حسيت اني بنتو.. البنت اللي شايفة بأبوها كل الدنيا.. سندها اللي ما فيها تعيش من دونه.. 
رفيقة عمره اللي ما بتقدر تشوف فيه مكروه.. 

بكييت.. و سألته شو مخبي عني ؟ ليه مخبي عني؟! 

تنهد و قلي.. " ريحان ما خبيت عنك شي.. هنن العائلات نفسها يلي منتبرعلها بأدوية كل فترة.. أنا كيف بدي اعرف انو عندهم شب تابع لجهة مسلحة و عم ياخدلهم من هالأدوية ؟؟!... ما بعرف مين اللي كتب فيي التقرير و وصلني لهون " 

و بعدها بدا يوصيني.. " ريحان إذا ما رجعت.. انتبــــ.." حطيت ايدي على تمو.. ما قدرت خليه يكمل..  
ـ " مشكلة و بتنحل ان شاء الله.. و بترجعلنا بالسلامة " 

فهمنا من الفرع انو ممكن يطلع بكفالة.. لكن بدهم يسحبو منه شهادة الصيدلة و يمنعوه من مزاولة هالمهنة 
😢


رجعت للبيت مكسورة.. الحمد لله ولادي نامو و ما شافوني بهالحالة

ارتميت عالتخت متل طير مجروح.. متمنية احمل عيلتي و ولادي و طير فيهم برا هالكابوس.. لكن جناحي مكسور و عم انزف حزن..  

الغرفة موحشة و باردة
أول ليلة بيكون فيها أيمن بعيد عنا و وين؟ ورا القضبان..!
و أنا كمان محبوسة ورا قضبان الخوف و القلق و العجز و الظلم

رفعت راسي و تأملت ولادي و هنن نايمين.. و صرت حدث نفسي.. 
" ريحان تماسكي.. شو الحياة بدون امهم و أبوهم ؟؟ قلوبهم الصغيرة تحملت أكتر من طاقتها.. 
خبي حزنك بعيد عن وجههم.. قدامهم حاولي تكوني أقوى.. حاولي.. حتى لو تصنعتي الفرح.. من حقهم يعيشو لحظات طبيعية متل باقي الأطفال.. حتى لو كانو عايشين ببلد مو طبيعي .. "

شوي.. و بديت اسمع صوت اذان الفجر.. عم يشق الهدوء.. و يذكرني برحمة ربي.. سند كل ضعيف.. 
دعيته يقويني و يصبرني و يردلي زوجي بالسلامة و ما يلوعني فيه .. 

الصبح عالفطور بلشو الولاد يسألو عن أبوهم.. 
" بابا مضطر ينام برا البيت كم يوم.. بس هو بخير و رح يرجع عن قريب.. "

مو من السهل اني كون أم بهيك بلد.. و هلأ لازم كون أم و أب.. حاول اعزل ولادي عن هالظلم اللي حواليهم قد ما بقدر

بعد شوي اندق الباب.. كانت جارتنا الدكتورة يلي عرفت بالخبر من حماتي.. سلمت عليي و شدت على ايدي و قالتلي انها بتعرف شخص مسؤول ممكن يساعدنا.. 

فرحتلي قلبي و استبشرت خير.. 
يا رب تديم أهل الخير اللي عم يسندونا من قسوة عبادك

ربتت على كتفي و ذكرتني.. 
" ريحان.. خليكي قوية.. 
لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. ان شاء الله رح يرجع بالسلامة "

هالبلد بدها بطولات لحتى تستمر .. 
الأبطال مو هنن بس اللي ينقذو الضحايا من تحت الأنقاض.. 
و لا بس اللي عم ينقذو المحتاج برغيف خبز.. 
كمان الأشخاص اللي بينقذونا من مشاكلنا أبطال.. 
الأمهات و الآباء اللي عم يتحملو مشقة المسؤولية المضاعفة بهالظروف أبطال.. و أبطال حقيقيين

و رح حاول دائما.. اني كون وحدة منهم.. 

يتبع..