10/03/2016

مذكرات عائلة 2-20



اليوم.. و انا عم رتب خزانتي و علّق كم قطعة شتوية اشتريتهم للولاد
طلع بإيدي مفتاح بيتي .. شفتو كأني عم شوف شخص غالي طل عليي فجأة بعد غيبة طويلة.. 
انحبست بعيني دمعة.. و قلت يا ترى رح ارجع استعملو مرة تانية ؟ 
و لا رح يبقى مجرد ذكرى.. و قطعة معدنية علقها برقبتي متل الستات الفلسطينيات و العراقيات و الأندلسيات .. ؟ 

خبيتو بسرعة.. و قلت خلي جرحي مسكر ما بدي افتحه 

و تذكرت كلمة سمعتها من شخص ملهم.. شفت فيديو عنه عالنت.. عملت بتفكيري إعصار 
كلمة قالها شخص ما عندو أطراف.. لا ايدين و لا رجلين.. لكنه عايش حياته بقلب رضي.. كل صوره و هو مبتسم و مشرق.. 
سألوه :
وضعك هاد ما بيخليك تحس بإحباط ؟ 
قلهم " وضعي هاد واقع ما فيي بدلو.. و مو من المنطق اني ضيع عمري محبط و حزين على واقع ما بقدر بدلو.. 
الشي اللي بيحزنني اني استسلم أمام الأشياء اللي فيي طورها بحياتي و بدلها للأحسن "

صرت حاول افرز مشاكلي بقسمين.. 
* قسم ما بملك تغييره و مالي فيه حيلة
* و قسم بإيدي غيّر فيه و حاول اعمله أفضل 

 ما بدي خلي مفتاح بيتي مجرد ذكرى أليمة
بدي خليه دافع يخليني اسعى لاحمي ولادي 

مو بإرادتي طلعت من بيتي
و مو بإرادتي ارجعله..
بس فيي حاول خلي هالغرفة مكان دافي و حنون لعيلتي الصغيرة 

مو بإيدي انهي هالحرب و ظلمها
بس بإيدي خفف سوادها على ولادي بمسحة حب بيضا 

بعد حوالي السنة و نص من سكني ببيت أهل زوجي تغيرت و تعلمت.. 

تعلمت اتجاهل كتيييير أمور كانت تزعجني بالعادة.. صرت أكثر تجاهلا.. لحتى خفف وجع راسي.. 

تعلمت انو الإساءة اللي بتجيني من الآخرين هية إساءة الهم..إساءة لنفسهم و لصحائفهم عند ربهم.. مو الي.. 

تعلمت ما استسلم للحزن بسهولة.. و حاول اقتله قبل ما يقتلني.. 
هالشي ما كان سهل.. بس ما كان عندي خيار تاني 

عرفت اديه قديه أنا مهمة بحياة ولادي.. مو بس لإرعاهم و طعميهم.. لا.. لحتى ورجيهم صور ملونة بعيد عن صور الحرب السودا.. حتى لو كانت مجرد قصص بخيمة الحكايا

تعلمت أكتر انو السعادة بتجي بالعطاء و بقضاء حاجات الناس 

تعلمت من الموت اللي حايم حوالينا و من قصص الناس اللي رحلو عنا فجأة.. انو هالدنيا قصيرة.. و بأي لحظة ممكن تخلص حياتنا.. بقذيفة و نحنا بالشارع.. برصاصة قناص.. بأي وسيلة 
و اني ما بملك فيها غير اني كون قد مسؤوليتي.. ارعى ولادي و احسن تربيتهم.. 

تعلمت انو لكل شخص مفتاح.. سواء كبير أو صغير 
و تعاملنا مع اللي حوالينا رح يتحسن كتير لو عرفنا مفتاح كل شخص و فتحنا الحاجز المسكر بيننا و بينو

شي بيشبه علبة مسكرة.. و ما عرفنا كيف بتنفتح.. صرنا نضربها و نحاول نفتحها بأداة حادة.. و اكتشفنا لاحقا انها بتفتح بحركة كتيير بسيطة 

راقب كل شخص حواليي.. 
شو بيحب؟ .. شو بيكره؟ .. شو اللي بيستفزه؟ من اي باب بيقتنع؟ 

كرم.. مفتاحه خليه يشعر انو هو شجاع و قوي و بطل و مميز

غزل بتحب حسسها اني رفيقتها و ضمها كتييير بمناسبة و بلا مناسبة.. و اسمع أحاديثها اللي ما بتخلص بأذن صاغية :/ .. 

قطع تفكيري صوت أماني اللي عم تخانق ابنها برا.. 
الصغير عم يقلها " ماما برداااان.. ايمتا رح تجي الكهربا .؟" 
" اوووه يا ماما حاج تزعجني !!  كلهم شوية برد.. بكرا لما نروح لكندا عالتلج و البرد الحقيقي شو بدك تقول ؟!! "

صار يبكي و يصارع السجادة عالأرض و يضربها بقبضة ايده و يصرخ
"  بدي بيجاما جديدة..!  بدي بيجاما جديدة..!  "

لأول مرة بيخطرلي اتدخل.. اسحبه لعندي و ضمه.. همستله بإذنه.. خليك شاطر و ما تصرخ على ماما.. و بس يرجع بابا من الشغل رح نطلب منه يشتريلك بيجاما.. انت بطل و شاطر و مهذب.." 
فركت ايديه بسرعة مشان يشعر بشوية دفا.. و ضميته مرة تانية
تطلع فيي و ابتسم.. 

يمكن مفتاحه شوية حنية... شوية دفا.. 

يتبع.. 
نور الاشقر