12/28/2015

مذكرات عائلة ٣١

 مذكرات عائلة  . 31 . 

قهوة و ياسمين و فيروز و جارتي سلمى.. 
هالتفاصيل الصغيرة بحياتنا على صغرها.. بتضل بتعطينا دفا و بتضل بترسم بدفتر أيامنا ذكريات حلوة.. 
صبت سلمى فنجانها.. سكتت شوي.. و دارت نظرها للشباك و شردت.. 
" ـ شو في سلمى.. بشو عم تفكري؟ "
"  ـ آه يا ريحان.. بعد هالتفجيرات و زيادة الضرب و الحواجز.. زوجي عم يفكر نرجع نسافر.. 
و أنا ما صدقت ايمتا خلصت من الغربة بعد هالسنين و رجعت لبلدي.. لبيتي اللي بدي استقر فيه.. لوطني..  ارجع اتغرب؟ 
اختنق صوتها و قالت.. صعبة الغربة يا ريحان.. و الله صعبة :( 
و انتو؟ فكرتو تسافرو شي؟ "

ما سألت حالي هالسؤال.. و لما سمعت سؤالها.. انتفضت من جواتي كأني فايقة من كابوس.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
"  لا شو نسافر !! 
ما حكينا و لا فكرنا.. اترك الشام؟ لا و الله سلمى ما بقدر.. 
أهلي و اخواتي و شوارعنا.. التفاصيل كلها.. يتغرب فنجان القهوة عن صحن الياسمين؟ 

بعدين شو صار.. كل البلاد بتصير فيها حوادث و فوضى.. 
كلها فترة و بتخلص.. اديه رح نبقى هيك ؟ سنة؟ سنتين؟ مو معقول.. ما في شي دايم .. "

لوحت ايديها كأنها عم تنفض عنهم غبار.. و قالتلي.." خلص خلص غيري هالسيرة.. 
كلما فكرت فيها بينقبض صدري.. "
اخدت رشفة قهوة و سألتني.. 
"  ـ عم تشوفيها لجارتنا قمر ؟ "
"  ـ لا و الله كتير قليل لصادفها.. متل القمر هية.. بتطل و بتغيب.. و غالبا لما ادعيها لعندي بتعتذر او بتكون عند أهلها.. "
"  ـ خليني جرب اتصل فيها تشرب قهوة معنا.. "
لبت قمر الدعوة و انضمت لجلستنا الصباحية.. 
دردشنا شوي... ضحكنا شوي.. حسيتها عم تضحك بالزور.. مجاملة.. :)
عم احكي عن موقع تربوي مفيد صادفته 
فتحت تلفونها و كأنها عم تلعب فيه لعبة.. انصرفت عن الحديث بدون أي اهتمام.. 

" قمر.. بتفتحي هيك صفحات عالنت؟ في شغلات حلوة كتير لولادك.. و معلومات بالتربية كتير مفيدة.. "
دمعو عيونها الزرق و ابتسمت ابتسامة المتألم.. و قالت.. 
"  ـ تربية شو.. ما بتلزمني هالقصص.. بحسها مثالية بعيدة عن واقعنا.. 
لما زوجي يضربني قبل ما يضرب بنتي بشو بتنفعني مواقع التربية ؟ "

انا و سلمى انصدمنا و تطلعنا بوجوه بعضنا .. 
سلمى غطت تمها بإيدها و فتحت عيونها متفاجأة و قالتلها " بيضربك!!!! "

" الحمد لله مو دائما.. بس لما يعصب كتير كتير.. هو كتير عصبي و بينرفز على أتفه الأسباب.. 
بيرجع بيندم و بيقلي حقك عليي.. بعد اسبوع بيرجع يكرر نفس المشهد.. "

كل هالوقت و نحنا ما منعرف عن حياة قمر شي.. البنت كتومة.. ما بتبوح
منخبي أنفاس آهاتنا عن الناس أحيانا.. بس أوقات.. بيتعبا هالبالون كتير و بينفجر على آخر نفس.. بوجه أي حدا واقف جنبه.. قريب أو غريب.. 

"  ـ طيب ما حاولتي تلاقي حل؟ تحكي لأهله أو أهلك 
كيف رح تكوني أم بهيك بيت.. و كيف رح يتربو الولاد ؟ "

"  ـ شو الحل؟ روح و ياخدلي بنتي؟  بموت أنا بلاها :(  :'(  "

"  بتعرفي قمر.. لو ما بدك تتركي.. عالأقل حاولي تقابلي الوجع بالبسمة.. تعوضي بالفرح عن الحزن.. 
تعوضي حالك و بنتك بجو مرح لما يكون هو برا البيت.. تلعبو و تضحكو و تنطو كمان

تضلي عم تحكي معو بأسلوب لطيف حتى لو ما رد.. 
حننيه على بنته و عليكي.. نقطة المي بتحفر الصخر.. 
ذكريه.. شو متذكر من طفولته؟ ما كان بيتمناها تكون ذكرى حلوة؟ و هو هلأ عم يعبي ذاكرة بنته لتكبر و تسترجع ذكرياتها معه.. خليها ذكريات حلوة.. 
حاكيها.. ضميها. عوضيها بحنيتك.. الطفل بيفهم.. حتى لو ما عبر بالكلام.. 
و هاد الضرب بدو حل جذري.. ما بيصير تستسيغيه و يصير عادي.. 
ولادك لازم تحميهم من أي ضرر.. حتى لو كان من أقرب الناس الهم "
و مسحة حنية.. بتغسل تعب كتير  ... 

يتبع... 

نور الاشقر