5/04/2016

مذكرات عائلة ٢ (١)

 مذكرات عائلة 2   ( الأولى..) 
الوقت..  أول طلوع الضو.. ما اجاني نوم بعد الصلاة.. 
قاعدة لوحدي بالصالون و عيوني عالشباك.. 
عم راقب النور كيف عم يمسح العتمة على مهل.. هدووء و سكينة و نسمة شامية منعشة.. 
فجأة!! 
بشوف ابني كرم فايق من نومو فزعان.. عيونو حمر.. أنفاسو متسارعة.. عم يركض باتجاه باب البلكون المقفول 
يمسك قبضة الباب و يشدها مرات متكررة بكل قوتو و ينادي بصوت مبحوح.. 
" ماما.. العصافير طارو
العصافير طارو..!! .. "

"  بسم الله عليك رعبتني ماما..  لا يا حبيبي ما طارو.. شيل ايدك لافتحلك الباب و تشوفهم.. "
فتحت الباب.. شاف العصافير بمكانهم.. رخى ايديه على جنبو و تنهد تنهيدة المتعب.. استجمع أنفاسه
"  و قلي اوووه الحمد لله.. الحمد لله.. شفتهم بمنامي ماما انهم كسرو القفص.. انجرحو شوي بعدين طارو  "

"  لا تخاف يا حبيبي لا تخاف " ضميته و جبتله مي.. هديت أعصابو شوي 
و قلي"  ماما أرجوووكي حطي القفص بغرفتي أو بالمطبخ.. ما بدي العصافير يهربو..  "

ابتسمت "  يا ماما كيف يهربو ؟ ما فيهم يفتحو القفص.. بعدين لازم يشمو هوا نظيف و منعش.. بالمطبخ رح يشمو ريحة الطبخ و الأكل :/ .. بس لحتى تنام متطمن.. رح دخلهم عالمطبخ بسسسس وقت النوم .. أما بالنهار لازم يشوفو الشمس و الضو و الطيور و الشجر .. اتفقنا ؟  " 

"  موافق.. ماما يا ترى هنن مبسوطين بالقفص و لا لو طارو بيفرحو أكتر..؟  "

"  يا روحي أكيد أكتر شي بيفرح العصفور انو يطير.. و لهيك نحنا عم نطيرهم بالبيت كل يوم جمعة لحتى يفرحو و انتو تفرحو.. بس هدول عصافير زينة ملونين.. للزينة.. ضعاف.. ما فيهم يطيرو لمسافات بعيدة.. مو متل الحمامة.. جناحاتها أكبر و بتعلي أكتر.. سامع معي هديرها الحلو ؟  "

"  نيالهم يا ماما.. شو بحب طير  يا ريتني عصفور.. "

"  اي و أحلى عصفور ☺ و يا رب شوفك أحسن طيار بالدنيا  كمل نومك حبيبي اليوم عطلة "

كرم نادرا ما يفيق فزعان من منام.. ما بعرف ليه انقبض صدري .. خير اللهم اجعله خير.. 

اليوم الجمعة.. فطرنا متل العادة.. راح كرم مع أيمن عالمسجد متل العادة.. أصوات الهتافات و الضرب و الضجيج كمان متل العادة.. 
بس يومها اشتد أكتر.. رصاص ضرب قريب من شباكنا.. فزعنا.. انا و بناتي بالبيت لوحدنا.. 
ركضنا بسرعة و تخبينا بالحمام لبين ما تهدى الأمور.. 
فجأة اندق الباب.. دقات سريعة و خايفة.. 
يا ربي مين  أيمن معو مفتاح.. خفت.. 

رحت و قلبي عم يدق بسرعة أكتر من دقات الباب.. فتحت..!! 
بلاقي سليم ابن جيراننا.. ما كان سليم أبداً.. كأنو طالع من معركة.. و ايدو عم تنزف دم 

عم يهمسلي بخوف "  بترجاكي يا خالة خبيني ..  كرمال الله خبيني "

"  سليم!!!!  انت!!!  "

ثواني و بيظهر العسكري اللي كان لاحقو .. 
أنا.. هوون..  رح يوقف قلبي.. تجمدت متل قطعة خشب 
ما قدرت انطق و لا كلمة.. 
رح تجيني تهمة لباب ببتي اني مخبية إرهابيين؟ و لا رح شوف ابن جيراننا مكبل !! 
وقف الدم بعروقي.. 

بيسكت العسكري  و بيصرخ لحدا ناطرو تحت 
"  ما في حدا سيدي ما في حدا  " و بيروح.. 

ما قدرت ابقى واقفة.. :( قعدت على ركبي على عتبة الباب..  تنهدت.. و صرت ابكي :( 

رفعت راسي و صرت خانق سليم بصوت مخنوق.. 
"  مجنون انت مجنون !! بتعرف كم مصيبة كنا رح نشوف من ورا طيشك!! ما فكرت بأمك ؟!!  كيف رح تشوف الرصاصة بإيدك هلأ ؟!  الله يهديك.. الله يهديك.. 
بدك إسعاف.. تأكد ليكون الممر فاضي و بسرعة لحق حالك.. "

"  آسف خالتي.. آسف.. بلحظة الخطر.. المضطر بيعمل أي شي " 
راح سليم.. و شافتني غزل عم نظف مكان الدم عالباب 
"  ماما.. سليم مجروح ؟ ليه اجا لهون؟ ليه ما راح للدكتور ؟  ليه ما ساعدتيه؟  "
"  ما في شي ماما.. حادث بسيط و رح يروح للدكتور هلأ.. "

سليم.. لسه مراهق.. يا دوب عمره 15 سنة.. ملامحه ناعمة و وجهه سموح.. أبوه صاحب مكتبة صغيرة بشارعنا.. بيشتغل مع والده بأوقات الفراغ.. ودود مع الجيران... كرم بيحب يمر لعندو لأنو بيقرالو قصة من المكتبة.. شو الي خلاه يحط حاله بهالموقف ؟ 
الله يهديهم هالشباب.. الله يهديهم.. 

يا رب تتلطف و تجيب العواقب سليمة..

يتبع... 

نور الاشقر