مذكرات عائلة 2 . 5 .
اتصلت فيي سلمى..
ـ " ريحان.. بدي شوفك شوي قبل ما يرجعو الولاد من المدرسة"
التقينا عندي بالبيت
ــ " ريحان.. الله يكرمك.. قبل ما سافر بدي اطلب منك طلب..
في أشخاص مساكين من اللي عايشين حوالينا عم وصللهم مساعدات كلما وصلني..
ملابس.. فلوس.. أغذية.. حسب ما يوصلني من محل بابا و اخي و عمي..
ناس بروح لعندهم و ناس بيجو لعندي.. حسب وضعهم..
في أم محسن اللي عم تنام بالعيادة..
و العيلة اللي بالمسجد..
الختيار اللي عم نشوفو بمدخل العمارة..
الست أم مسعود بمدرسة بنتي..
الصبي الصغير اللي بدكان أبو غسان.. عرفتيه؟ هاد الصبي عم يعيل أهله.. - عدتلي قائمة طويلة -
الله يخليكي.. بعرف رح عذبك معي.. بس بدي تشرفي على توصيل هالمساعدات الهم شهريا حسب ما بكتبلك.. أخي رح يوصلك المساعدة كل شهر و انتي وزعيها.. "
ـ " يا قوية.. كل هاد و ما بتخبريني؟ الله يسامحك كنا تشاركنا سوا.. "
ـ" الله يتقبل منا جميع.. أوقات هيك أعمال لازم تكون بالسر.. و أوقات تانية معك حق.. حلوة المشاركة.. يلا ما صار شي.. رح تشاركيني بعد ما سافر.. "
ـ" خلص تطمني.. كل شي رح يوصلهم بوقته متل العادة "
صحيح زعلت شوي لأنها ما شاركتني من البداية.. بس فرحت بقلبها الكبير و لهفتها ..
سلمى اللي بيشوفها من برا بيشوف البنت الدلوعة المدللة اللي ما بتحب تحمل مسؤولية..
بس من جوا بتملك قلب رهيف.. حامل هم ناس كتار
و عم تحاول تترك لمسة حب.. بزمن الحرب
رحت معها حتى احفظ عناوين الأشخاص اللي وصتني فيهم..
رحت و أنا محبطة مسبقا من الحالات الصعبة اللي متوقعة شوفها..
من مناظر التعب و التشريد اللي عم نشوفها بالشوارع..
من لافتات الأسعار على واجهات المحلات.. اللي كل فترة بتتبدل لتعلن الرقم الجديد المرتفع لسعر البضاعة 💲
عرفتني على " سعد " الصبي اللي عم يشتغل بالدكان
طفل.. ملامح وجهه مريحة بشكل.. بيحكي و هو مبتسم
و لا كأنو عايش معنا بهالبلد اللي عم تسرق ضحكاتنا كل يوم..
مجرد الحديث معه خلاني حس انو لسه الخير موجود.. و انو جواته عالم حلو و طيب.. عكس القبح اللي عم نعيشو برا
" تشرفنا يا خالتي.. أنا اسمي سعد.. أمي و اخواتي البنات ساكنين بغرفة على سطح العمارة اللي ورانا.. أبي الله يرحمه استشهد.. نزلت جنبه قذيفة..
بيصير قول استشهد صحيح؟
هو ما كان عم يحارب بسلاح..
كان رايح لشغله ليحارب الحاجة و يكسب لقمتنا بالحلال.. "
ـ" صحيح يا خالتي صحيح
بس انت هيك خسرت المدرسة "
" اختي الكبيرة عم تعلمني الحساب بالبيت.. و تحكيلي عن خالد بن الوليد و صلاح الدين..
أمي بتعلمني كون صادق و أمين و اشكر الله على كل نعمة مو هيك بتعلم المدارس ؟ بيكفيني هيك..
ألف الحمد لله.. عنا سقف ساترنا و لقمة تسندنا كل يوم
عنا شهيد يشفعلنا
و كلنا بصحة و عافية "
ما بعرف شو حسيت..
افتكرت اني رايحة واسيه.. بس الحقيقة هو اللي واساني
استمديت من إيمانه إيمان.. و من رضاه رضا
المسا.. حكيت لأيمن اللي صار معي بالنهار..
ـ" ممتاز.. الله يعطيكم العافية.. و أنا رح حاول أمن أدوية تساعدهم " ..
بعدها.. سكت شوي و قلي..
ــ " ريحان.. من باب الاحتياط.. جمعي جوازات السفر و الأوراق المهمة و غلفيهم بورق ألمنيوم.. حطيهم بشنطة مع الذهب.. يعني لا سمح الله لو.... "
ــ" حاضر.. فهمت.. ما تكمل "
أكيد مفروض دائما ننتبه و ناخد إجراءات احتياطية.. بس شعور صعب..
شعور الاستعداد للخطر ما بيقل صعوبة عن الخطر نفسو..
بظروف صعبة متل ظروفنا
ما رح غلّف الأوراق المهمة بس..
رح حاول غلّف روحي من انو تحرقها نار الحزن.. و الإحباط.. و الاستسلام..
رح اتعلم من سعد.. ابقى واقفة مهما تعسر الطريق
و اشكر الله على أصغر النعم..
رح اتعلم من الطفولة ببلدنا.. اللي صارت تعطي الكبار دروس..
يتبع...
نور الأشقر