مذكرات عائلة 2 . 6 .
لما كنت اقرأ زمان قصص من التاريخ عن الحروب و المشاكل.. قول بيني و بين نفسي..
" يا ريت من زمان كان في انترنت و وسائل تواصل متل اليوم.. كانت انسمعت الصرخة بشكل أسرع.. و انتقلت الصورة المؤثرة بدل الخبر اللي برد على ظهور الخيل ليوصل.. كانو الناس استفادوا و تفادوا مشاكل كتير قبل ما توقع.. "
موهومة.. فكرت الإنسان بيتطور بتطور مدنيته و حياته.. خاب ظني..
الحقيقة انو ما تطور بهالإنسان غير وحشيته و وسائل فتكه و إجرامه..
أحاديث عائلية عن البلد و الحرب و الشغل و السفر عم تدور بجلسة اليوم الأسبوعية ببيت أهل زوجي..
أيمن حاسس انو الموضوع أكبر من الكلام اللي عم نسمعه عالشاشات..
أخوه " مهند" مو متأمل خير و لا متوقع تخلص هالحالة بوقت قريب.. و بيشجع أي حدا بيقدر يغادر البلد ليحصل على مستقبل أفضل.. ـ و طبعا هو بدوره مقدم أوراق سفره لكندا ـ
زوجته " أماني" عم تحكي عن جمال كندا.. و رقي كندا.. و خدمات كندا.. و احترام كندا لسكانها.. و مو مصدقة ايمتا تنام و تفتح عيونها لتلاقي حالها صارت بكندا..
حاليا " أماني و مهند" و أولادهم مقيمين ببيت أهل زوجي بعد آخر معركة صارت قريبة من بيتهم..
فترة مؤقتة لبينما تهدى الأوضاع..
أنا.. كل همي تفكيري بهالفترة هو ولادي..
كيف بدي اعزلهم عن هالجو البشع.. كيف بدي اشغل بالهم بجوانب تفيدهم؟ و كيف بدي ابقى قوية و متماسكة دائما لحتى كون سندهم المتين..
بعد شوي.. بتلقى اتصال من جارتي قمر.. صوتها عم يرجف و يتقطع..
" ريحان..
اوعك ترجعي عالبيت..
اوعك ترجعي..!!
حرب حقيقية بشارعنا..
الناس هربت من تحت الموت و الصواريخ..
و بيتك.. ــ وقفت حكي شوي و وقف قلبي بهالثانية ــ بيتك ريحان.. تضرر..
بس لا تخافي مو ضرر كبير "
خفت.. خفت يكون الضرر كبير بس قمر عم تخفف عني..
بعدها قلت خلص تطمني.. و احمدي الله انك ما كنتي مع عيلتك بالبيت..
توقعت الضرر متل المرة الماضية.. كم شباك و منصلحهم لتهدى الأمور..
نمنا كم يوم ببيت أهل زوجي لحتى يوصلنا خبر توقف المعركة..
راح أيمن بعدها و شاف الأضرار..
ثقب كبير بالحيط..
جزء من البلكون متهدم..
غراض كتير من البيت مسروقة
الحمد لله اني كنت مغلفة الجوازات و الذهب و مخبيتهم بمكان غير متوقع.. و إلا كانت المصيبة أكبر..
في بيوت حوالينا ما عاد ينفعها الترميم.. و في بيوت محروقة.. و سيارات محروقة.. و شجرنا..
شجرة التوت اللي منطل عليها.. شكلها متل شكل عجوز طالعة من حرب
غصة بالقلب كبيرة..
بس هانت علينا لما شفنا انو البيت لا زال واقف.. كلو بيتعوض.. و الحمد لله انا لا زلنا بخير.. انسكب شي من الرضا على قلبي..
" ريحان تعالي معي عالبيت نجيب كم غرض و كم قطعة تياب تكفينا "
ركض كرم لعندي.." ماما.. ماما.. جيبيلي طياراتي و العصافير "..
العصافير :(
كيف بدي قلو ما بقا في عصافير .. ماتو العصافير :(
همسلي أيمن.." لا تخبريه.. رح نشتري غيرهم "
رغم انهم مجرد عصافير صغار.. بس زعلت عليهم أكتر من أي شي تاني زعلت عليه بالبيت..
بكيت.. كانو روح حلوة عايشة معنا..
ما عم افهم شو تركيبة قلب الشخص اللي بتهون عليه روح الإنسان.. اللي عم يرمي نارو على بيوت فيها أطفال.. فيها أرواح بريئة ما دخلها بجنون الحرب..؟
كيف؟
هو ما كان طفل؟ ما عندو أطفال؟ ما عندو اخوة و أهل؟
مستحيل نكون نحنا و هو منملك نفس القلب..
مستحيل..
يتبع...
نور الاشقر